الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)
{ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا وربك أعلم بمن في السماوات والأرض}..فالعلم المطلق لله. وهو يرتب على كامل علمه بالناس رحمتهم أو عذابهم. وعند البلاغ تنتهي وظيفة الرسول.وعلم الله الكامل يشمل من في السماوات والأرض من ملائكة ورسل وإنس وجن، وكائنات لا يعلم إلا الله ما هي؟ وما قدرها؟ وما درجتها.وبهذا العلم المطلق بحقائق الخلائق فضل الله بعض النبيين على بعض:{لقد فضلنا بعض النبيين على بعض}. وهو تفضيل يعلم الله أسبابه. أما مظاهر هذا التفضيل فقد سبق الحديث عنها في الجزء الثالث من هذه الظلال عند تفسير قوله تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} فيراجع في موضعه هناك:{وآتينا داود زبورا}.. وهو نموذج من عطاء الله لأحد أنبيائه، ومن مظاهر التفضيل أيضاً. إذ كانت الكتب أبقى من الخوارق المادية التي يراها بعض الناس في ظرف معين من الزمان.وينتهي هذا الدرس الذي بدأ بنفي فكرة الأبناء والشركاء، واستطرد إلى تفرد الله سبحانه بالاتجاه إليه، وتفرده بالعلم والتصرف في مصائر العباد.. ينتهي بتحدي الذين يزعمون الشركاء، أن يدعوا الآلهة المدعاة إلى كشف الضر عنهم لو شاء الله أن يعذبهم، أو تحويل العذاب إلى سواهم:{قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا}.فليس أحد بقادر على أن يكشف الضر أو يحوله إلا الله وحده، المتصرف في أقدار عباده.ويقرر لهم أن من يدعونهم آلهة من الملائكة أو الجن أو الإنس.. إن هم إلا خلق من خلق الله، يحاولون أن يجدوا طريقهم إلى الله ويتسابقون إلى رضاه، ويخافون عذابه الذي يحذره من يعلم حقيقته ويخشاه:{أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا}..وقد كان بعضهم يدعو عزيزاً ابن الله ويعبده، وبعضهم يدعو عيسى ابن الله ويعبده. وبعضهم يدعو الملائكة بنات الله ويعبدهم، وبعضهم يدعو غير هؤلاء.. فالله يقول لهم جميعاً: إن هؤلاء الذين تدعونهم، أقربهم إلى الله يبتغي إليه الوسيلة، ويتقرب إليه بالعبادة، ويرجو رحمته، ويخشى عذابه وعذاب الله شديد يحذر ويخاف فما أجدركم أن تتوجهوا إلى الله، كما يتوجه إليه من تدعونهم آلهة من دونه وهم عباد لله، يبتغون رضاه.وهكذا يبدأ الدرس ويختم ببيان تهافت عقائد الشرك في كل صورها. وتفرد الله سبحانه بالألوهية والعبادة والاتجاه.
|